التعليم في فلسطين بين القانون و الواقع/
بقلم : د. سعيد ابو عباه
تحظر الانظمة والقوانين المدرسية المعمول بها في فلسطين كافة اشكال التعذيب البدني والنفسي في المدارس وكذلك تمنع اي ضرب من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية او الحاطة بكرامة الطلبة.
ويؤكد الاعلان العالمي لحقوق الانسان على كرامة الانسان وعدم المساس بحرياته بمعزل عن اللون والعرق والدين والجنس . بينما يؤكد العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعيبة والثقافية على عدم اهدار اي من الحقوق والحريات المعترف بها بموجب هذا العهد .
واعلان الامم المتحدة للقضاء على جميع اشكال التمييز العنصري وكذلك اتفاقية حقوق الطفل وكذلك اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة او العقوبة القاسية او اللاإنسانية او المهينة بالاضافة الى القانون الوطني بفروعه المختلفة حيث اكدت جميع هذه القوانين والاتفاقيات على معاملة الانسان بطريقة تحفظ انسانيته وكرامته وحظرت التعامل معه باي شكل من الاشكال التي من شانها المساس بكرامته وحظرت التعامل معه بالعنف سواء الجسدي او اللفظي .
كما اكد قانون الطفل الفلسطيني بشكل خاص وتحديدا المادة 42 (ان للطفل الحق في الحماية من اشكال العنف او الاساءة البدنية او المعنوية او الجنسية او الاهمال او التقصير او التشرد او غير ذلك من اشكال اساءة المعاملة او الاستغلال) وكذلك المادة 39 فقرة 2 التي نصت على (المحافظة على كرامة الطفل عند اتخاذ القرارات او وضع البرامج التي تهدف الى حظر كافة اشكال العنف في المدارس مهما كان مصدرها) كما نصت المادة 68 من نفس القانون( انه لا يجوز اخضاع اي طفل للتعذيب الجسدي او المعنوي او لاي نمط من انماط العقوبة او المعاملة القاسية او المهينة او الحاطة للكرامة الانسانية) .
اذن نجد انه هناك تقاطعا ما بين القانون الوطني الفلسطيني الساري المفعول ابتداء من الدستور وحتى القوانين الخاصة التي تحدثت عن الاطفال بشكل خاص وشرعت لها قوانين لاعطائها الاهمية والخصوصية في الرعاية .
واذا ما اخذنا قانون الطفل الفلسطيني رقم 7 لسنة 2004م بانه عرف الطفل هو (كل انسان لم يتم الثامنة عشرة من عمره) اي ان جميع طلبة المدارس في جميع المراحل هم اطفال بموجب القانون .
هذا الواقع القانوني الجميل الذي خصص عناية بالطفل وحقوقه ولا ننكر ان القانون الوطني افرد هذه القوانين تعزيزا لكرامة الطفل والحفاظ على تنشئته تنشئه سليمة.
اما الواقع الذي يدور في مدارسنا فهو لا يعرف بهذه القوانين وغيرها سبيلا حيث شاهدت بام عيني عندما كنت اشغل وظيفة مدرس في سلك التربية والتعليم بان مدراء ومدرسين وموجهين كانوا يعتدون على الطلبة الاطفال بشكل ممنهج ودوري ويومي حتى ان انتهاك كرامة الطفل وتعذيبه وتعريضه للمعاملة القاسية اصبح جزءا من حياة هذا الطفل.
ولم يكتف ممارسو هذا التعذيب والسلوك اللاإنساني الحاط بالكرامة كرامة رجال المستقبل بذلك بل اصبحوا يستعينون بالادوات وممارسة طقوس التعذيب الخاصة بهم مثل العصي والبرابيش ومساحات الصبورة والركلات القاتلة اجلكم الله.
واذكر قصة واقولها وانا مسؤول امام الله اولا وامام ضميري العلمي والوطني ثانيا بان شخصية تربوية مرموقة نزلت من سيارة وتحمل بربيشا وبدات تضرب كل طالب يدخل المدرسة بذريعة التاخر وكان يجلده بطريقة الزناة فهل هذا هو افضل افطار يمكن ان نقدمه لطفل ربما تلكأ قليلا عن طابور الصباح . وهل هكذا يا سادة يتم تنشئة الاجيال واعدادهم للمستقبل ، بل تجاوز به الحد ان يهين بعض الاساتذة امام مراى التلاميذ؟؟
انني انطلاقا ومن حرصي على اطفالنا وانا اخاطب كل واحد فيكم بان هذا النهج يجب ان يتوقف وان يتم مسائلة ومحاسبة مرتكبي ذلك اي كانت مسمياتهم لان لتفشي ظاهرة العنف الجسدي واللفظي من قبل المدراء والمدرسين اصبحوا يمارسون مسمى اقرب الى السجان منه الى اي مسمى تربوي اخر ناهيك عن اصناف ودروب العنف اللفظي من السباب والشتائم عبر الاذاعة المدرسية وهذا خطير جدا ان يجاهر منتهك القانون بجريمته على الملأ حيث يسمع القاسي والداني ماذا يدور في الاذاعات المدرسية من الفاظ ليس بمقام ذكرها والسؤال الاهم الا يستحق هذا لجنة تحقيق حماية لهؤلاء الاطفال ام ان صناع القرار يعتبرون ذلك امرا طبيعياً.
كاتب دبلوماسي